Thursday, December 24, 2009

المراة والمثل الدارج في فلسطين

المراة والمثل الدارج في فلسطين

لتحميل النص اضغط هنا

د.عمر احمد خليل شكارنه

الخطوبة أو الطلبة

تلك مترادفات كلها تعبر عن مفهوم الخطبة التي تمثل المرحلة الاولى على طريق الزواج الذي يتم معها كتب الكتاب، ثم يتبعها الحناء والزفة والدخلة، وهي بمثابة الاعلان عن الاتفاق بين أهل العروسين على المصاهرة وطلب يد الفتاة من والدها او وليها مباشرة او بوساطة (جاهة ووجاهة ). وقد يخطب الفتى الفتاة دون ان يراها او تراه، إنما يسمع عنها من الناس، وقد يراها وتراه بالصدفة او في السوق او الشارع او في اي مكان اخر بمجرد نظرة واحدة قد تطول او تقصر من مكان قريب او بعيد فتقع من نفسه موقعا حسنا. وتشير كل الدلائل انه لم يكن هناك علاقات محبة بين الخاطب والمخطوبة بالمعنى المتعارف عليه في هذه الايام الا في القليل النادر. وان وجد شيء وجد شيء من ذلك فقد كان سرا في الغالب لا يعلمه إلا قلة ممن يحفظون السر من الأصحاب الخلصاء. ولكن الزمن كفيل بفضح ذلك السر المكنون فيقولون:)كل سر جاوز الاثنين شاع ). وقد يظهر في فلتات اللسان او على قسمات الوجه او تقاطيعه فيقولون: (كل شي بخفى الا الحب والحبل والطلوع ع الجمل ). وقد تبدأ العلاقة بين المتحابين بمجرد النظر حيث تلتقي القلوب على المحبة من اول نظرة: حيث ياخذ كل واحد منهما بالسؤال ان لم يكونا قريبين بشكل غير مباشر.

وبعد التعارف تختلف عادات وتقاليد الخطبة في المدينة عنها في الريف او في البادية: فلكل مجتمع من المجتمعات الثلاث عاداته وتقاليده تختلف في الشكل وقد تتفق في المضمون. والعادة المتعارف عليها أن يبعث الخاطب من لدنه من يطلب يد الفتاة سرا، وفي الغالب تكون امه او شقيقته او احدى قريباته ورجل من أقاربه، حيث يتعرف الطلاب على الفتاة واهلها وهل يمكن خطبها ام لا. فيعدهم أهلها برد الجواب بعد تداول الامر مع أقربائهم، وقد يصل الأمر ابعد من ذلك حيث انهم يريدون التعرف بالسؤال عن اهل الفتى ومكانتهم، وأخلاق الشاب وعمله وما الى ذلك من المعايير المعروفة التي يرغبون ان تكون لدى طالب يد ابنتهم وأسرته. فإذا وقعت المحبة بينهم، رفع كل محظور فيقولون:) إن وقع الحب ارتفع التكليف ) كما ان محب الفتاة إذا وقر في قلب محبها فانه لن يتنازل عنها مهما الصق بها العذال من تهم وما تقولوا عليها من أقاويل، عندها يقولون:(عين المحب عمياء ). فالمحب لا يفكر في مساوئ حبيبه ذكرا كان ام انثى فبقولون: ( حبيبي بحبه لو كان عبد اسمر). وكان لسان حاله يردد مع الشاعر المتنبي قوله:

وعين الرضى عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المعايبا

ويتبادل الحبيبان الود الخاص: ( فكما تراني يا حبيبي اراك ) ويلهج كل واحد منهما بذكر صاحبه فيقولون: ( اللي بحب اشي بيكثر من ذكره ) كما يتزاوران أحيانا وخاصة الخاطب: (الرجل بدب مطرح ما بحب ). وهكذا تبدو علاقة الحب بين الخاطب والمخطوبة قبل الاعلان الرسمي عن ذلك أو بعده ورغم ذلك فان العرف والعاده لا يسمحان لهما برؤية بعضهما بعضا إلا لماما (أبعد تحلا) كما ينصح المثل بألا يكثر الخاطب من زيارة بيت خطيبته خوفا من الاسترخاص في نظر أهلها كقولهم ( كثر الهف بتلف بترخص لو كنت غالي ) وهو بمعنى المثل الفصيح: ( زد غبا تزدد حبا ). كما تهرب المخطوبه من أمام خاطبها حتى لا يتمكن من رؤيتها وخجلا منه وخوفا من القيل والقال. وينتظر الخاطب وأهله رد الجواب من أهل الخطيبة. وفي الغالب تُحدد المدة بأسبوع أو أكثر. فإن كان الجواب بالنفي ينتهي الأمر ويقول أهلها:( البنت جسر يطؤها كل عابر) فالفتاه قد يطلبها الكثيرون الى ان تقسم لأحدهم فيتزوجها. هذا ولا يحق لها الاعتراض ولكن لوليها الحق في ذلك، حتى يجود بها لمن يسعده او يتعسه الحظ !! وربما تسأل رأيها وتخجل من رد الجواب فيقولون: ( السكوت علامة الرضا ). وقد ترفض بصراحه قتقع في الندم فيقولون: (خطبوها تعززت دشروها تندمت ).

أما أهل الفتى فيعلقون على نفي أهل الفتاة مصاهرتهم فيقولون: ( لا انبط ز ق ولا سال لبن ; كل من بدراه ابوه ). أما إن كان الجواب بالايجاب فتجري مراسيم الخطوبة المعتادة في الوسط الذي يعيش فيه الخاطبان حيث يعلن للملأ خطوبة فلان من فلانة وتوزع الحلوى... ولكن قد يحدث ما يعكر الصفو وهو:

تحديد المهر وتكاليف الزواج

يعتبر المهر في الأسرة التقليدية وخاصة الاسر المسلمة، عنصرا أساسيا من عناصر الزواج المدبر، وينال تحديده والاتفاق عليه قدرا غير قليل من الاهمية عند الاسرة الفلسطينية، كما أن الخلاف عليه كان يؤدي في بعض الحالات الى فسخ الزواج كلية فقد يشترط ولي أمر الفتاة في طلب مهرها من خاطبها فما هو المهر ؟

إنه التقدمة التي يجب على الخاطب ان يقدمها للمخطوبة او وليها عند ابرام الاتفاق على الزواج تأكيدا لجدية العقد المبرم بينهما. فهناك مهر خاص عندما يتم الزواج بين الأقارب وداخل العشيرة او البلد، وهو اقل بكثير منه عندما يكون العريس غريبا.

المبالغة والاعتدال في المهر وابعادهما:

نصح المثل بعدم الاشتطاط في أخذ المهر او المبالغة فيه لخلوه من البركة تماما كالنقود، حيث قال: (الدية وقد الولية ما فيهاش بركة ). وقد اعتبر رفع المهر وسيلة مقصودة لإبعاد الصهر عن طيته فقيل:( ارفع المهر بهرب الصهر) ومثله قولهم: ( اللي ما بده يجوز بنته يزود مهرها ) ويقولون: ( فلان مدلي رجليه ). كما اعتبر من ناحية اخرى مغالاة في الحسنة قولهم: لولي الفتاة المشتط في مهرها: ( الي بده المليحة بدفع مهرها ). حتى لقد سمح المثل ببيع السلاح في سبيل دفع مهر الفتاة الحسنة: ( اللي بده الملاح ببيع السلاح )، تماما كما قال أبو فراس الحمداني:

تهون علينا في المعالي نفوس ومن يخطب الحسناء لم يغله المهر

وقد طالب المثل بعدم الندم على ما يدفع مهرا للحسناء مهما كثر لأنها اهل له بقولهم: ( يا ميخذ الملاح لا تكون نواح ) وقولهم: ( ان وقع الحر لا يتلعبط ). كما اعتبر دفع المهر وسيلة لمصاهرة السلاطين بقوله: ( الي بدفع فلوسه بنت السلطان عروسه). وربما اعتبر الإشتطاط في المهر من باب الحرص على الفتاة في مستقبلها من طلاقها او التهاون في حقوقها الزوجية. إذا كانت قليلة المهر ويمكن ان يكون الإشتطاط فيه مدعاة للهمز واللمز بوالد الفتاة فيقولون: ( الهامل بجيه يوم بنته ).

طبيعة المهر ونوعاه وأسباب ارتفاعه الأخرى :

غالبا ما يكون المهر من الأموال المنقولة او غير المنقولة كالارض مثلا : ( ما بسد في العرض الا الأرض)، وقد قيل على لسان شخص تزوج من فتاة فباع قطعة ارض لدفع مهرها : ( ليلة من لياليها بتسوي البصة وما فيها ). ولكن النقد المتداول وهو أكثر الأنواع استخداما فيقولون: ( حط الفلوس بتجيب العروس ). وربما دفع المهر بوسائل اخرى كالخدمة أو الشعار ( البديلة ) كما مر. وقد يكون مواشي تساق لوليها لدى لبدو. وهناك فرق بين مهر البنت والأرملة والكبيرة والصغيرة. حيث يكون مهر الارملة مثلا نصف مهر البنت البكرية. فيقولون: ( الأرملة نصية ). والمهر نوعان: مؤجل و معجل. أما المؤجل فهو ما يتفق عليه ان يدفع عند حدوث الشقاق المنتهي بالطلاق حيث يدفع من قبل الطرف الطالب للطلاق للطرف الآخر. أما المعجل فهو الذي يدفعه الزوج عند عقد الزواج. وهناك فئة من الناس لا تهتم بالمهر وكثرته وقلته فيقولون: ( قلة تستغله ) وقولهم:( البركة فيما بارك الله). قال صلى الله عليه وسلم: " أعظم النساء بركة ايسرهن مؤنة ". وهو ليس ثمنا للبكارة كما يدعي بعض الأوروبيين فهو يدفع للبنت البكر وللثيب على حد سواء، كما انه ليس ثمنا للمرأة، والدليل على ذلك انه لا يعاد الى الرجل عند الطلاق اذا كان هو الراغب فيه. ويعتبر غلاء المهور وما يتبعه من تكاليف باهظة، ظاهرة اجتماعية خطيرة في مجتمعنا الفلسطيني سيما الريفي منه، فكثيرا ما يقف حجر عثرة في سبيل سعادة الكثيرين من أبناء هذا الشعب وبناته فقد يسبب للشاب مشكلة اقتصادية تجعله يرى الزواج شؤما وخيبة. أو تحول بين المتحابين وبين تنفيذ رغبتهما في الزواج. وهي مشكلة قديمة متسربة نمت وتطورت مع الزمن وعانى منها شعبنا، وما زال يعاني منها الاحفاد والابناء وسيعاني منها الأولاد ان لم نجد حلا جذريا يستأصلها من جذورها سيما اسبابها التي ترجع الى ما يلي:

اعتقاد بعض الآباء أن زيادة مقدار المهر تقوي مركز البنات في مواجة أزواجهن وتجعلهم يتمسكون بهن بشكل أقوى حيث يتندر المثل من مهر الفتاة القليل قائلا: ( اللي مهرها جاعد هدم عما قديش ) ويقولون ايضا: ( الجيزة الي ببلاش طلاقها اهون ). ويعود هذا الى جهل الآباء ولكون الزواج لا يتم عن قناعة وكفاءة العروسين.

اغتنام فرصة زواج البنت ليوفر وليها شيئا من مهرها لينفقه على العائلة بسبب الفقر المترتب على وسائل العيش البدائية التي كانت تمدهم باسباب الرزق. هذا اذا كانت الفتاة مرغوبة بجمالها او بعض صفاتها الأخرى فيقولون: ( الي بده الزينات بدفع الوفات ).

التنافس وحب الظهور، لأن الغالبية العظمى من ابناء المجتمع لا يقبلون ان يكونوا في منزلة أقل من سواهم فيقولون: ( احنا ناقصين حرف ؟ )وقلوهم: ( زي الناس ولا باس )، فلا يقبلون بأن تكون بناتهم أقل من مثيلاتهن من بنات العائلات الأخرى في مهرهن حيث التقليد الاعمى وألأخرق للأخرين، دون مراعاة للظروف والأحوال ومصلحة الصهر والبنت لدرجة انهم يسخرون من الشخص الفقير الذي يعشق الفتيات الجميلات وهو غير قادر على كفاية نفسه بالقوت الضروروي في قولهم : ( عاشق بلا مال طربوشك بلاه داير تعشق بنات الناس ما انت ع العشا قادر؟؟) كما ينصح المثل الشاب الذي لا يملك المهر بعدم التقدم لطلب يد فتاة التي يحلم بسعادته معها، بل يطالبه باخلاء جنبه ليسير ركبها الى من يستحقها من أرباب رؤوس الاموال في قوله: ( اللي ما بقدر ع الحمرا وعليقها والا يحيد عن طريقها ). حيث شبهها بالفرس واطعامها فالذي لا يستطيع ان يتعامل مع الفرس الاصيلة ويقدم لها طعامها فعليه ان يبتعد عن اقتنائها. وكأن الفتاة أصبحت سلعة تباع في سوق النحاسة والجواري في العصور الوسطى. وهكذا تبدو الأسباب واهية صبغتها الجهل والفقر والتقليد، ولن يقضي عليها الا بمناقضتها. هذا وكثيرا ما كانت تتوسط الجاهة والوجاهة التي تصاحب ركب الخطبة لتنزيل قيمة المهر فيتنازل وليها عن جانب منه اكراما لله والرسل وللجاهة وللاولياء الى ان يبقى المبلغ المتفق عليه اصلا بين ذوي العروسين قبل قدوم الجاهة الرسمية او يكون التنازل عن قسم مما اتفق عليه اصلا، خاصة اذا شعر الخاطب بأن المهر غالٍ. وبعد الاتفاق على المبلغ يدفع كاملاً أو جانبا منه و تعلن الخطوبة الرسمية التي تتبعها مراسيم عقد النكاح و يسمى الاتفاق(قراية فاتحة)، و يبدأ الناس في المباركة للخاطب و الخطيبة.

وعند إتمام الخطبة مع عقد القران فإنهم يقولون: ( ما بعد الصفاح الا النكاح ) حيث يستعد الخاطب لإتمام صفقة العرس ولا يؤخره الا تقصير ذات اليد عن تكملة بقية المهر وتوابعه من ولائم وكسوة للأقرباء وحاجيات أخرى تلزم حفلة العرس، كتجهيز ملابس العروس خاصة في الريف، حيث تأخذ عملية تطريز الملابس وقتا ليس بقصير. وقد توزع تلك الثياب على عدد من صويحباتها اللواتي يتبرعن او يستأجرن لمساعدتها في ذلك من اولئك المتفرغات للتطريز بسبب فراغهم فيقولون: ( الصدة بتعلم التطريز ). وتحرص العروس الا تخرج من بيت ذويها الى بيت الزوجية بأي نقص ملابسها وجهازها بل تستكمل كل ما تحتاج اليه قبل انتقالها لأنهم يقولون: ( اللي ما بطلع مع العروس ما بلحقها ). كذلك هي تحرص ان تستغني في بيتها الجديد عن كل ما يمكن أن يلزمها أو تحتاج إليه من منطلق المثل القائل: ( يا حاجتي كلميني ولا يا جارتي اعطيني ). كما أنها لا توافق على استعارة شئ من الملابس لحفل عرسها لأنهم يقولون: ( ثوب العيرة مقلوع لنه لأمي ما استحت مني ) ولأن : (ثوب العيرة ما بدفي وان دفى ما بدوم ). كما تقدم الأمثال النصح للفتاة بألا تبطر أكثر من اللازم أو تشمت متعالية على غيرها من الفتيات اللواتي لم يساعدهن الحظ في الزواج للتخفيف من وقع الغيرة والحسد في أنفسهن ضدها فيقولون : ( يا بنت لا تفرجي ثوب عرسك ياما وراه شقا ). وهكذا فان الفتاة لتشتري ببعض مهرها ما تحتاج اليه اضافة الى ما يقدمه الخاطب من هدايا فما هي هذه الهدايا ؟؟ ومتى تقدم ؟ ولمن تقدم؟ .

موسم الهدايا والنفقات :

لا تقبل الفتاة المحترمة هدايا الغريب، ويقول المثل:( البنت الغداي احسن من الولد اللقاي )، أي أن البنت التي تضيع ما يعطى لها خصوصا النقود افضل من الولد الذي يجد النقود وسواها ذلك لأنهه يفترض بالفتاة التي تدعي بأنه تجد اشياء ثمينة باستمرار بانها تحاول اخفاء تلقيها الهدايا من الغرباء. أما الخاطبة فهي تتقبل هدايا وهي محببة لها مهما كانت غنية: ( أنا غنية وبحب الهدية). فكلما غاب عنها وغاب عن بيتها فلا بد من احضار بعض الهدايا والا قيل فيه: ( غايب بلا هدية لا جابك الله ). وتختلف الهدايا التي تقدم للعروس وذويها والعريس وذويه من وقت لاخر كما أنها، تختلف في ماهيتها ومقدارها ووجوهها التي تذهب اليها ومصيرها الذي تؤول اليه فمنها الهدايا التي تسبق حفل الزواج وهي خاصة بالعروس وأمها وأبيها: بعضها يتفق عليه اثناء مداولات الخطوبة وبعضها الاخر يقدمه الخاطب دون تحديد: ( الهدية ع قد قيمتها ) وهي عبارة عن ملابس وأقمشة ونقود وعطور تقدم للفتاة المخطوبة بعضها فرض عين تفرضها العادات والتقاليد الموروثة والمتبعة كهدايا الأعياد حيث يلزم العريس بتقديمها لخطيبته في كل الاعياد وطوال فترة الخطبة طالت ام قصرت تسمى عيدية وغالبا ما تكون نقودا مع شيء من الحلوى والملابس او قطعة من الذهب. كما كانت العادة أن يحمل أهل العريس عندما يذهبون لإحضار عروستهم في زفة قطعة من القماش الحريري المقصب او الموشى بالذهب تسمى في العرف الشعبي: ( طق يا فقر) هدية لها وبدونها لم يكن أهل العروس ليقبلوا تسليمهم عر وستهم. ومنها ما يسمى: ( خشة الدار ). وهي عبارة عن ملابس ومصاغ يتفق عليها او تترك لكرم الخاطب وعلو همته وتقدم قبل الزفاف ايضا. أما ما يقدم الى أم العروس فهو ما يسمى ( بثوب الام ) وهو غالبا ما يكون مقدارا من المال يدفع للأم هدية مفروضة جزاء وفاقا لها مقابل خدماتها على ابنتها طيلة فترة حياتها معها.

أما الوالد فيقدم اليه ما يسمى: ( هدم صفاح ) وهو عبارة عن عباءة تقدم له عند توقيعه على عقد الزواج وتعاد الى الزوج يوم زفاف الفتاة إليه حيث تلف بها يوم زفافها من بيت اهلها الى بيت زوجها فيقولون: ( لف بنتك فبي اعباءة وارميها في دار الغناة ). وقد لا تعاد مطلقا. وهناك لدى فئة من المجتمع بعض العادات التي تفرض على العروس واهلها ان يقدموا بعض الملابس لأهل العريس الأقربين كأمه وأبيه وإخواته وأخواته.

أما هدايا الأقارب فيقدم العريس لإخوته وعماته وخالاته وبناتهن بعض الهدايا كالاثواب والمصاغ بحسب قدرته فيقولون: ( الجود من الموجود) و (( لا يكلف الله نفسا الا وسعها )). وتسمى هذه التقدمة صلة الرحم. فيقولون (صلة الرحم من الرحمن ) ويقال على لسان الحق عز وجل: (( الرحم معلقة بعرش الرحمن من وصلهن وصلته ومن قطعهن قطعته )). وغالبا ما ترد كل واحدة من المهدي إليهن مقابل ذلك ( نقوطا نقديا ) يكافئ ثمن ما قدم لها او ينقص قليلا. وهناك نفقات أخرى منها: ( ذبيحة الطلبة ) وما يسمى با( القوة ) وهما عبارة عن وليمتان: الاولى منهما يقوم بها أهل العريس في بيت العروس عند الاتفاق على خطبتها حيث يطعم منها اهل العروسين ومن يحضر من الجاهة التي تحسم الخلاف على المهر والتكاليف. أما الثانية فهي الوليمة التي تفرض على العريس لإطعام كل من يشترك في حفل الزفاف من نساء ورجال وأطفال وهي تكلف مبالغ طائلة باهظة لكثرة ما ينجز من الضحايا وما يستهلك من الارز وذلك لما يترتب عليها من اظهار الكرم المفرط وخوفا من الاتهام بالشح حيث يعرفون بأمثال أولئك قائلين: ( أهل العرس اشتهوا المرق ).

ويقولون: ( فلانه بدها عرس تشبع فيها مرقه ). وعندما يكثر المدعون إلى العرس: ( كثر العزومة بتقطع النصيب )، خاصة إذا كان أهل العريس من البخلاء. وربما يعتب الأقارب والأصحاب الذين ينسون من دون طعام فيقال على السنتهم: ( ع طرف الساني ولا تنساني ). كما يعرفون ببخل البخلاء بقولهم: (عند الغولة عرس يدوب يكفيها ويكفي الي حواليها ). هذا إضافة إلى ما يقدم من قهوة وشاي وحلويات وأنواع مختلفة من التبغ والسجاير وغيرها ومن النفقات التي تثقل كاهل العريس فيتحمل بسببها الديون فيقولون: ( اللي ببني واللي بتجوز بتحمل الدين ). وربما يضحي الخاطب فيستدين او يبيع الارض التي هي أغلى ما يملك في سبيل دفع النفقات ولا يظهر بمظهر البخيل او المقصرأمام الآخرين.

حفلة العرس وميقاتها:

تكثر مواسم الأفراح في فلسطين في ليالي أول وثاني المقمرة حيث يقولون: ( ما بين تشرين وتشرين صيف ثاني ) بعد انتهاء مواسم الغلال وقطف الزيتون. حيث يجمع الفلاح خاصة ثروته ويسدد للتاجر ما عليه من ديون. فيختارون الليالي المقمرة من هذين الشهرين، لأن الإنارة التي كانت تعتمد على وسائل الاضائة البسيطة كمصابيح الكاز والزيت لم تكن كافية ومشجعة للسهر لتأثرها بالعوامل الجوية في فصل الشتاء.

لذلك كله فقد اعتمدوا على انارة السماء. فلم تكن لتقام هنالك أعراس في أيام الشتاء خوفا من اتهامهم بالجنون فيقولون: ( عرس المجانين في كوانين ).

ولا تقام في شهر رمضان لدى المسلمين: وأثناء الصوم لدى النصارى بل كان يكثر الزواج ايضا في العيد الكبير عند الطائفتين هربا من الاعياد وما يترتب عليه من هدايا، ولأن الأعياد مواسم تجمع الأصدقاء والاقارب الذين يحرص على دعوتهم الى حفلات الاعراس خاصة من اولئك الذين يعملون في الخارج. فموسم الأعياد فرصة ذهبية لجمع الشمل والمشاركة في الافراح. ولذلك فانهم لم يكونوا ليطيلوا مدة العرس في الغالب فهم يقولون: ( العرس خطف )، وقولهم: ( العرس أسرع فيه والكره تمهل فيه ).

كما أنهم لا يأبهون كثيرا في تمديد فترته وإظهار الفرح المبالغ فيه بسبب ما حل بهذا الشعب من نكبات، فالموت بالجملة والسجن على الابواب، لذلك كله فانهم كانوا عمليين في اعراسهم لا يأبهون للشكليات ويبدو ذلك واضحا في قولهم: ( عمر ما غنية جوزت العريس ولا دعوة خزقت قميص ).

http://www.najah.edu/index.php?news_id=5474&page=3171&l=ar

No comments:

Post a Comment