Thursday, December 24, 2009

صورة الوطن العربي في المدارس الثانوية الامريكية

صورة الوطن العربي في المدارس الثانوية الامريكية

د. اياد القزاز

مقدمه

ينظر علماء التاريخ القديم و علماء الاثار الى الوطن العربي على انه مهد الحضاره الحاليه حيث ظهر لاول مره في تاريخ البشريه كثير من عناصر واساسيات حضارة اليوم.فقد شهد الوطن العربي اختراع الكتابه وبدايات التاريخ المدون،وكذلك المستوطنات الحضرية الاولى واستئناس الكثير من الحيوانات.وقد نشأت الاديان العالميه الثلاثه –اليهودية والمسيحية والاسلام- وتطورت في الوطن العربي.كما نظر الى الوطن العربي ابان الامبراطورية الاسلامية(من القرن الثامن الى القرن الثاني عشر) على انه عنوان الحضارة وبدت مساهماته بلا حدود. وعندما كان العرب يبنون حضارتهم العملاقة،كانت اوروبا تعيش في عصور مظلمة.وقد قام العرب بترجمة الكثير من الاعمال اليونانية ثم توصلت اوروبا فيما بعد الى اسهاماتها الحضارية من خلال ترجمة المؤلفات العربية الى اللاتينية.وعن هذا الطريق عرضت اوروبا فلاسفة اليونان مثل ارسطو وافلاطون.

وشملت الاسهامات العربية جميع فروع المعرفة في ذلك الوقت.وعلى سبيل المثال،كان العرب في ميدان الرياضيات رواد نظريات الجبر،وابتكروا النظام العشري وادخلوا الصفر وكذلك الاعداد العربية.وفي ميدان الكيمياء ادخل العرب التجارب المختبرية وعملوا على تحسين التكلس والاختزال الكيميائي والتبخر والتبللر والانصهار والتسامي الكيميائي.وقام العرب بتعليم الاوروبيين كيف يصنعون الورق وكيف يستخدمونه،وهو فن كانوا قد تعلموه من الصينيين.وهذه مجرد امثله على ما اسهم به العرب في الحضارة العالمية.

وكان الوطن العربي على الدوام معبرا وحلقة وصل بين قارات اوروبا واسيا وافريقية.ونتيجة ذلك قامت امم كثيرة بحملات عبور وغزو الى المنطقة العربية تاركة اثارها وبصماتها على الجوانب العمرانية والثقافية للحضارة العربية.واليوم طرأ تحسن كبير على وسائل النقل واستخدام الارض في الوطن العربي.وجاء اكتشاف النفط ليعطي هذا الوطن بعدا اضافيا يزيد من اهميته في التجارة الدولية والسياسة العالمية.كذلك ان تربة الشرق الاوسط تحوي اكثر من 60 بالمائة من الاحتياطي العالمي للنفط.وقد تم في العام الماضي انتاج ما يقرب من 1400 مليون طن من النفط الخام تم شحن اكثر من 90 في المائة منه الى اليابان واوروبا والولايات المتحدة. وادت هذه العوامل وغيرها الى جعل الوطن العربي حلقة وصل مهمة،غير ان الحديث عنه في المدارس الثانوية المعاصرة يشوبه العديد من الثغرات،كما ان المعلومات عنه غير مرضية.

الكتب والمدرسون: نقل المعرفة والتشكيل الاجتماعي

تمثل الكتب المدرسية والمدرسون عناصر مهمة في عملية التعليم في المدارس الرسمية منذ بدء التاريخ المدون.وتدل السجلات التاريخية على ان الكتب المدرسية كانت مستخدمة منذ امد طويل،وربما يرجع ذلك الى ايام اليونان والرومان في العصر القديم. تشكل الكتب المدرسية اداة اساسية للتعليم الرسمي في جميع مراحل التعليم.وعندما يعمد معلم في احدى الكليات الى منع استخدام الكتب المدرسية،يشعر الطلبة بالضياع والارتباك ويشتد الموقف حدة في المدارس الثانوية والابتدائية حيث تشكل الكتب المدرسية،من الناحيتين النظرية والتطبيقية،الدعامات الاساسية للتعليم.وفي هاتين المرحلتين كلتيهما يعتمد المدرسون على الكتب المدرسية اعتمادا كثيفا ان لم يكن مطلقا بسبب نقص التدريب او عدم الاهتمام او ضيق الوقت في اغلب الظن.واقلية من المدرسين فقط هم الذين يستخدمون القراءات التكميلية او الاطلاع الخارجي.وفي تقديربروس جويس(Bruce Joyce)-المدير السابق لكلية اعداد معلمي المرحلة الابتدائية بجامعة شيكاغو-ان حوالي 80 بالمائة من معلمي المدارس الابتدائية بالولايات المتحدة يستخدمون الكتب المدرسية مصدرا رئيسيا للمعلومات.ويقول د.جويس ان ((المعلم النموذجي للمرحلة الابتدائية مطالب باتقان سلسلة من المواد ابتداء من ادب الاطفال الى القراءة، ومن الرياضيات الى العلوم. واما كان قلة فقط هم الذين يمكنهم ان يصبحوا خبراء في ميادين متنوعة كهذه،فان المعلم النموذجي لهذه المرحلة يعتمد بشدة على النصوص)). ويضيف ان المشكلة في المدرسة الثانوية تزداد ضخامة في اغلب الاحيان.(( ولأن المدرس الثانوي يعمل مع نحو 150 طالبا في اليوم،فمن المستحيل بالنسبة له اعداد مواد تناسب كل طالب او حتى كل صف، وعليه ان يأتي بمادة جاهزة هي الكتاب المدرسي)).

وتعد الكتب المدرسية (وبخاصة تلك التي تتناول العلوم الانسانية و الاجتماعية) مصدرا اوليا يستمد منه الطالب مواقفه واتجاهاته ازاء كثير من الجماعات العرقية المختلفة.اذ ان المتب المدرسية تزود التلاميذ بما يحتاجون اليه من معلومات عن التاريخ وحضارات العالم الذي يعيشون فيه. ويمثل المدرسون العنصر الاخر في عملية التعليم.وهم لا يقومون بتلقين المعلومات فقط بل يقومون تفسيرا لمختلف الثقافات ايضا.ويتأثر الطلبة بما يختاره المدرسون من نصوص وبما يولونه من تأكيد لموضوعات معينة.كما ان مضمون المحاضرات،واتجاه النقاش في قاعة الدرس والواجبات الخاصة التي يكلف بها الطلبة، كل ذلك يؤثر تاثيرا كبيرا على تفكير الطلبة.وهذه التاثيرات وغيرها تتدخل في نظرة الطالب الثقافية الى نفسه والى الجماعات العرقية الاخرى ونخص بالذكر منها- في اطار هذا البحث- الوطن العربي .

وتبين من الدراسات المتعلقة بعملية التشكيل الاجتماعي ان التعليم المكتسب في المدرستين الابتدائية الثانوية له تاثير دائم.لذلك يمكن ارجاع المواقف التي يتخذها الكبار تجاه جماعات معينة الى التجارب التربوية الاولى.

ومثلما يؤدي التعليم المقصود الى تعزيز المواقف الايجابية ، كذلك يمكن ان تنشا الصور السلبية عن الشعوب الاجنبية من اخطاء الحذف او التحريف خلال عمليات التعليم. وتحدث اخطاء الحذف عندما يفتقر النص او النقاش اى موضوع يلقي ضوءا ايجابيا على بلد ما. اما اخطاء التحريف فانها تحدث عندما تقحم على النقاش او النص وقائع او مقولات غير دقيقة او غير كاملة او غير متصلة بالموضوع بقصد اشاعة صورة مشوهة عن البلد الذي يجري الحديث عنه. ولان التعليم من الاهمية بحيث ينبغي عدم تركه لمشيئة الافراد، نجد ان معظم حكومات العالم تمارس قدرا كبيرا من الاشراف على مؤسساتها التعليمية. وهذا ينطبق بالذات على المدارس الابتدائية والثانوية.

ومن المناسب ان نستشهد هنا بكلمات للعالم التربوي لوثر ايفانز(Lutherh.Evans) حيث قال :"ان الكتب المدرسية والمدرسين يمكن ان يكونوا بمثابة البذرة لمحصول من التفاهم الدولي والصداقة الدولية من خلال عرض الحقائق عرضا صحيحا من الناحيتين الكمية والنوعية وبمنظور سليم،ولكن يمكن ايضا ان يكونوا بذرة لمحصول من سوء التفاهم والكراهية والازدراء بين ابناء البلد وتجاه انماط الحياة الاخرى ،وذلك من خلال عرض المقولات غير الدقيقة وغير المتوازنة وغير المناسبةعلى انها حقائق".

1- الكتب المدرسية

يتضمن هذا القسم عرضا للكتب المدرسية التي تتناول الوطن العربي.وهنالك حتى الان ثماني دراسات تتعلق بالولايات المتحدة وكندا.وفيما يلي عرض سريع لكل منها، وساحاول بقدر الامكان استخدام كلمات المؤلف في تلخيص هذه الدراسات.

ا- دراسات العلمي

هذه اول دراسة منهجية تتصدى بالكامل لصورة العرب في الكتب المدرسية للمدارس الابتدائية الامريكية.وقد كتبت في الاصل لتكون رسالة للماجستيرعام 1956 بجامعة ولاية اوهايو. وقد قامت المؤلفة في اثناء دراستها بجامعة ولاية كنت بزيارة كثير من المدارس والقت محاضرات عن الوطن العربي في ولايات اوهايو وكولورادو والينوي وبنسيلفا وجورجيا. وهنالك اكتشفت ان المعلومات المقدمة كانت غير كاملة وغير دقيقة ومشوهة.ودفعتها هذة التجربة الى دراسة صورة العرب في كتب المدارس الابتدائية. وشملت رسالتها دراسة 58 كتابا مدرسيا يستخدمها المدرسون في صفوف من رياض الاطفال حتى الصف التاسع في شمال شرقي اوهايو.ومن اصل 61 كتابا مدرسيا يجري استخدامها في هذه المدارس،تم استبعاد ثلاثة منها من التحليل لانها لا تتناول الوطن العربي.

وشمل عرض النتائج مجالات الموضوعات التالية:(1) حياة البدو؛(2) الزراعة؛(3) حياة المدينة؛(4) التعليم؛(5) الدين الاسلامي؛(6) اسرائيل والوطن العربي؛(7) الوطن العربي بالصور؛ (8) تطور القومية العربية.

وقد سيطرت على العرض عناصر البداوة والت بظلهاعلى الجوانب الاخرى للحياة العربية. ويصدق ذلك على المادة المكتوبة والصور الايضاحية في الكتب المدرسية، فقد كان هناك تركيز على الاوضاع البدئية للزراعة والحياة الزراعية دون التصدي لمناقشة التغيير والتطور. وكان هناك تصوير لتخلف الحياة في المدينة و القرية دون ايلاء اهتمام يذكر الى التعليم. وشوه الدين الاسلامي حيث تركز الاهتمام على خصائص الروح القتالية في الاسلام. واهملت الفلسفة والمعتقدات الاساسية اهمالا تاما. وجاءت المناقشة حول فلسطين قبل عام 1948، واسرائيل بعد انشائها، من جانب واحد دون فهم كاف للقضية الفلسطينية. وتركزت الصور الفوتوغرافية الايضاحية تركيزا شبه كامل على العناصر التقليدية على حساب النظرة المتوازنة التي كان يتعين ان تشمل التطورات الجديدة.كما جاءت معالجة القومية العربية مشوهة من خلال تصوير خصائصها العدوانية المزعومة فقط.

ب- دراسة جمعية دراسات الشرق الاوسط

وفي اثناء معالجة الجمعية للتعليم و المنح الدراسية على مستوى الكليات، اكتشفت ان ما يدرس في المدارس الثانوية يحدد بدرجة فاعلية التعليم على مستوى الكليات. ومن ثم شكلت الجمعية لجنة لدراسة صورة الشرق الاوسط في الكتب المدرسية للمرحلة الثانوية. وتألفت اللجنة من الدارسين الاتية اسماؤهم: اياد القزاز،جامعة كاليفورنيا؛وليام جريز ورلد،جامعة ولاية كولورادو؛دون بيرتيز، جامعة ولاية نيويورك؛ مايكل سليمان، جامعة ولاية كنساس؛ فرحات زيادة، جامعة واشنطن (رئيس اللجنة).

وبعد مناقشة عامة للغرض والمنهج، قررت اللجنة ان يقوم كل عضو بمحاولة تحليل الكتب المدرسية والتعرف الى النظم المدرسية في منطقته. وفي عام1972 قدموا تقريرا يلخص نتائج دراستهم لما يقرب من 80 كتابا مدرسيا تستخدمها المدارس الثانوية في الولايات المتحدة وكندا. وان كانت اللجنة قد ذكرت في تقريرها ان بعض الكتب المدرسية تميزت بروح البحث وجودة التأليف،الا ان اغلبية الكتب عملت على تثبيت القوالب الجامدة،وتشويه الوصف السياسي والاجتماعي،والتبسيط المخل للقضايا المعقدة، وايراد احكام اخلاقية عن تصرفات الدول. وعلى العموم، فقد حفلت الكتب بالكثير من الاخطاء المتعلقة بالمضمون والسرد التاريخي. ووجدت اللجنة ان قلة من المؤلفين فقط هم الذين كانوا من المتخصصين بشؤون الشرق الاوسط وانهم استخدموا في كتبهم المدرسية في بعض الحالات بيانات ترجع الى خمس او عشر سنوات. واعتنى قلة من المؤلفين فقط بمناقشة التطورات والتغيرات الجديدة في الحياة في الشرق الاوسط.

وبعبارة محددة، وجدت اللجنة ان الكتب المدرسية تتميز بما يلي:

(1) تكرس مساحة كبيرة جدا لبعض النواحي غير الاساسية للحياة والثقافة في الشرق الاوسط. فقد كان المؤلفون يغالون في كثير من الاحيان في تاكيد صورة البدو مع ايراد صور فوتوغرافية في اغلب الاحيان لتثبت هذا النمط.

(2) يميل المؤلفون لدى مناقشة عناصر الصحراء الى تاكيد منجزات اسرائيل مع تجاهل منجزات العرب في تغيير الصحراء.

(3) تؤكد الكتب على فقر المزارعين في حين تصور المدن على انها تزخر بالعاطلين عن العمل مع قلة من اصحاب الملايين يركبون السيارات الفارهة. وتتضمن الكتب اشارة ملحة الى ان مشاكل الشرق الاوسط الاقتصادية يمكن حلها عن طريق ربطه بالكامل بعجلة الغرب.

(4) معالجة الاسلام بطريقة مبتسرة، واغفال اتصاله بالديانتين السابقتين مع ابراز غرابة بعض الممارسات الاسلامية.

(5) التلميح الى ان صعاب الولايات المتحدة في الشرق الاوسط تعزى بصفة رئيسية الى الطابع السلبي للقومية العربية بزعامة عبدالناصر، ونفوذ الاتحاد السوفياتي،وعداء العرب لاسرائيل.

(6) تصوير اسرائيل على انها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط، مع عرض الحروب العربية الاسرائيلية الاربع من وجهة نظر اسرائيل فقط وتجاهل المنظور الفلسطيني والعربي.

(7) نادرا ما تصدت الكتب لمناقشة ايران واذا تم ذلك جاء بشكل مختصر وغير دقيق وعلى سبيل المثال،وصف تاميم النفط الايراني عام 1953 بانه عمل قام به متطرفون متعصبون ضللوا الشعب الايراني وخلقوا ازمة اقتصادية لشركة النفط التي تملكها بريطانيا.

(8) تخصيص مساحة ضئيلة ايضا للاتراك وتصويرهم في اطار صليبي.فقد وصفوا بانهم مستبدون وقساة عندما كانوا يتولون شؤون الاراضي المقدسة.والقيت على عاتقهم مسؤولية قتل السكان المسيحيين وسوء معاملتهم.ووصف الدولة العثمانية بانها وحشية وبربرية واستبدادية.

ج- دراسة كيني

بدا كيني من ثلاثة اجزاء عام 1972 تركزت حول المدارس في اونتاريو، كندا.ويتضمن الجزء الاول تحليلا لردود المدرسين على استبيان، في حين يستخدم الجزء الثاني والثالث اسلوب تحليل المضمون لكيفية تناول الشرق الاوسطفي الكتب المدرسية للتاريخ والجغرافية على التوالي. وقد وجد كيني ان مناقشة الشرق الاوسط في كتب التاريخ المدرسية تزخر اغلب الاحيان بوقائع غير دقيقة وافتراضات مشكوك فيها،وحالات حذف كبيرة،وكل ذلك بهدف تكريس المفاهيم الاساسية الخاطئة عن الدين الاسلامي والثقافة والحضارة الاسلاميتين، وعلى سبيل المثال، تشير الكتب المدرسية لدى مناقشة المعتقدات الاسلامية الى الترخيص بتعدد الزوجات والرق دون ذكر الحدودالتي وضعها القران لذلك. كما وجد ان الكتب المدرسية تشرح انتشار الاسلام بقوة السيف متجاهلة تماما العملية الطويلة التي استغرقت قرونا والتي ادت الى التحول الى الاسلام من خلال الاقناع.وكثيرا ما تتجاهل هذه الكتب الاسهامات الاسلامية في الحضارة الغربية وتعرض التاريخ الحديث للشرق الاوسط بعبارات سلبية في الاغلب.وعلى سبيل المثال، تصف الكتب القوميين بانهم " مثيرو اضطرابات "يضمرون الكراهية الشديدة للاجانب.كما تصف القومية بانها تعصب محموم ومدمر للذات.

اما الكتب المدرسية الخاصة بالجغرافية فانها تبالغ باستمرار في تاكيد عنصر البداوة في الوطن العربي.وقلما تتطرق الى عملية التحضر التي تجري بمعدل سريع.ولا تلقى التغيرات الاجتماعية والاقتصادية الا قدرا ضئيلا من الهتمام الجاد.وتحظى اسرائيل بمعاملة متحيزة ان في طريقة الحديث عنها او في حجم المساحة المخصصة لها في كل كتاب مدرسي. وتؤكد هذه الكتب على انجازات اسرئيل في تحويل الصحراء الى جنة خضراء دون ادنى اشارة الى الاسهامات العربية.

د- دراسة القزاز

قدم القزاز دراسته عن صورة العرب في الكتب المدرسية الامريكية للعلوم الاجتماعية في كاليفورنيا عامي 1974_1975 في الصفوف من رياض الاطفال الى الصف التاسع،الى مؤتمر اتحاد خريجي الجامعات الامريكية العرب عام 1974.وستخدمت الدراسة اسلوب تحليل المضمون وتركزت حول ثلاثة موضوعات رئيسية:البداوة والاسلام والصراع العربي- الاسرائيلي. وفيما يلي عرض لنتائج الدراسة:

(1) المغالاة في التاكيد على البداوة اكثر من اي موضوع اخر يتعلق بالوطن العربي.وتاكيد الخصائص السلبية للبدو مع اغفال صفاتهم الايجابية.وعلى سبيل المثال،الاشارة الى عمليات الاغارة والسلب دون ذكر للامانة وكرم الضيافة- وهي صفات معروفة ايضا عن البدو.كذلك تجاهل معظم الكتب المدرسية التغير والتطور السريع الذي يحدث بين البدو.

(2) جاءت معلجة الاسهامات الاسلامية مختصرة للغاية حتى بدت غير ذات اهمية.وان كانت العناصر الاساسية قد نوقشت بدقة الا ان التاكيد على الخصائص السلبية مثل نزعة الاسلام الى الحرب قد طغى على تسامح المسلمين تجاه المسيحيين واليهود.وادى تصوير المركز المتدني للمراة في التاكيد على الامية و تعدد الزوجات الى المزيد من التشويه لصورة الاسلام.

(3) جاء تصوير الصراع العربي- الاسرائيلي غير متوازن ومتحيزا للنظرة الاسرائيلية،وصورت اسرائيل على انها الدولة الديمقراطية الوحيدة بين مجموعة من الجيران العرب الحاقدين.وتكرست اساطير مثل تحويل اسرائيل صحاري فلسطين الى جنة خضراء بعد وصول المستوطنين اليهود. واغفل ذكر الوقائع السلبية التي تضر بصورة اسرائيل،او صورت على انها رد فعل للعداء العربي. واغفل ذكر حقوق الشعب الفلسطيني وكذلك اسباب فرارهم من الوطن.وقد افردت عدة كتب مدرسية لاسرائيل مساحة اكبر مما تفردها للبلاد العربية مجتمعة.

ه- القزاز، عفيفي وشباص

كانت هذه دراسة موسعة للدراسة السابقة.واقتصرت على الكتب المدرسية التي كان مجلس التعليم في ولاية كاليفورنيا ينظر في اعتمادها.وتضمنت الدراسة تلخيصا لاربعة وعشرين كتابا مدرسيا في ميادين الجغرافية والتاريخ والدراسة الاجتماعية في المدارس الابتدائية والثانوية.وكان الغرض الرئيسي من الدراسة هو تقديم تقرير مفصل وشامل الى مجلس التعليم.واستخدم اسلوب تحليل المضمون بشكل موسع لابراز اوجه التشويه او المعلومات المبتسرة.واتاح اتساع نطاق الدراسة تغطية موضوعات اضافية مثل تعليم المراة.وجاءت النتائج الرئيسية كما يلي:

(1) التأكيد الزائد على البدو،رغم انهم يمثلون اقل من خمسة في المائة من مجموع السكان العرب.ورغم المعلومات التفصيلية عن حياة البدو،لم ترد اي اشارة الى التقدم الحاصل و الذي يعمل على تقليص مساحات وجودهم.

(2) التاكيد على النزعة العسكرية وعلى عادات مثل تعدد الزوجات مع ايلاء قدر ضئيل من الاهتمام الى اسهامات الاسلام في الحضارة الغربية.

(3) معالجة الصراع العربي_الاسرائيلي من وجهة النظر الاسرائيلية بصفة اساسية،وتاكيد صورة اسرائيل بانها بلد حديث وديمقراطي قريب الشبه من الغرب.

(4) تصوير المراة بانها محجبة وذات مركز متدن للغاية وتتمتع بحقوق بحقوق ضئيلة وسلطة دنيا في اتخاذ القرار وتطيع زوجها في كل شيء رغم انفها.وان المراة المسلمة لايجري تشجيعها على الالتحاق بالمدارس.

(5) تصوير غالبيه الشعب على انه شعب يعيش في احياء قذرة.وتصوير المدن والقرى على انها مملؤة بالملايين من الذباب الذي يتكاثر بالقذارة وينشر الدوسنتاريا.وان المجاري تنتهي الى حفر مكشوفة تلوث الارض ومرافق المياه على السواء.

(6) تؤكد معظم الصور في هذه الكتب المدرسية على تخلف العرب على العكس من اسرائيل الحديثة.

و- دراسة زيادة والن

تتركز هذه الدراسة- على عكس الاعمال السابقة - حول مصر.ومؤلفها الرئيسي كان رئيسا للجنة الصور بجمعية دراسات الشرق الاوسط.وتتضمن الدراسة نصوصا كتبت خصيصا عن مصر للمرحلتين الابتدائية والثانوية الى جانب نصوص كان الموضوع فيها يشكل جزءا من المعالجة العامة للدراسات الاجتماعية فقط.وكان منهج البحث هو اسلوب تحليل المضمون.وشمل التحليل موضوعات الجغرافية والتاريخ والسياسة والمعمار واللغة والادب والمجتمع والدين كجزء لا يتجزأ من الؤلفات الموضوعة عن مصر.وقد جاءت النتائج الرئيسية للتقرير كما يلي:

(1) الجغرافية: تركزت المناقشات الجغرافية بشدة حول نهر النيل والمنطقة المحيطة به،موحية بانها المنطقة الخصبة الوحيدة في مصر.وجاءت مناقشات الفيضان السنوي مشوهة وناقصة.ولم تناقش الصحاري الا نادرا وكانها غير موجودة وغفلت تماما الواحات الست الكبرى في الصحراء الغربية.وتكررت الاشارة الى قناة السويس ولكن في اطار سياسي لا جغرافي.ونوقشت الديموغرافيا بشكل كاف ولكن مع التركيز على الزيادة السريعة في السكان.وكان معظم الخرائط من نوعية رديئة. ولم تذكر الموارد الاخرى غير الزراعية الا نادرا مع الاشارة الى ان اهمية الجغرافية تدور حول الفرض القديم الذي تم تفنيده والقائل بان ري الحياض لا يتطلب ادارة مركزية.

(2) التاريخ والسياسة: توحي الكتابات عن النواحي التاريخية والسياسية بان مصر بلد محافظ لا يقبل التغير بطبيعته،وتتضمن الكتب المدرسية للمرحلة الابتدائية معلومات عن مصر القديمة ولكن دون عرضها في اطار تاريخي.واغفل كثير من المؤلفين الفترة بين الفراعنة وفاروق او نوقشت بشكل سطحي.وتقدم كتب المرحلة الابتدائية معلومات قليلة للغاية عن مصر منذ الثورة في حين تتضمن كتب المرحلة الثانوية قدرا اكبر من المعلومات لكنها تفتقر الى وجود تفسير.

(3) الفن والمعمار واللغة والادب: نادرا ما تناقش الكتب الفن والمعمار واللغة والادب. وتحظى الاهرام وابو الهول بمعظم الاهتمام كما ان المادة المكتوبة عن هذه الموضوعات جيدة. وتعرض الكتب للفن في مصر القديمة بقليل من التفصيل وتصوره على انه ثابت لا يتغير. اما الاقسام الخاصة باللغة والادب فهي تقتصر تقريبا على الهيروغليفية وفك الكتابات المصرية القديمة.ولا ترد مناقشة الادب الا في ملحقات الكتب المدرسية.اما عرض الفن والمعمار والادب في العصرين الوسيط والحديث فلا يذكر.

(4) المجتمع: هناك تغطية لا باس بها للمجتمع في مصر القديمة في كل من كتب المرحلتين الابتدائية والثانوية.وتتركز الكتابة في المجتمع المصري الحديث على الفلاحين مع الاشارة الى عدم حدوث اي تغيير يذكر منذ خمسة الاف عام.وعلى الرغم من ان كثيرا من الكتب تشير الى حدوث تغيير كبير في حياة الفلاحين منذ ثورة 1952،الا ان التركيز على الفلاحين يعطي انطباعا سلبيا عن المجتمع المصري،ونادرا ما تتضمن الكتب معلومات عن الفئات الاخرى من المصريين وكما انها لا تحتوي اي مناقشة لدور مصر المركزي في الثقافة و التعليم في الوطن العربي.

(5) الدين: مناقشة الدين في مصر القديمة عامة جدا وتفتقر الى المنظور التاريخي ويرد ذكر المسيحية في كتب تكميلية فقط. ولا تجري مناقشة المعتقدات والممارسات الاسلامية عند الحديث عن مصر،الا في اقسام مستقلة تتعلق بانشاء الامبراطورية العربية.

http://www.najah.edu/index.php?news_id=5435&page=3171&l=ar

No comments:

Post a Comment