Thursday, December 24, 2009

السينما الصهيونية

26/08/2009

السينما الصهيونية (1948 – 1967)

بقلم: سمير فريد

يختلف تناول السينما الصهيونية قبل انشاء اسرائيل عن تناولها بعد انشاء اسرائيل. فبعد قيام الكيان الصهيوني عام 1948 لم يعد هناك أدنى التباس حول حقيقة الحركة الصهيونية كحركة عنصرية. وأصبح من الواجب على كل فنان ان يحدد موقفه بوضوح عندما يتطرق الى المشكلة اليهودية. لم يعد هناك مجال لوضعالأقنعه . كما لم يعد هناك مجال للناقد أو المؤرخ أيضا للحديث عن اية أقنعه أو أية مؤامرات تحاك في الظلام.

والسينما الصهيونية مثل السينما النازية يمكن ان توجد في أي دولة ويمكن ان تصنع بواسطة أي فنانين يتبنون الصهيونية. لذلك نجدها في الولايات المتحدة، ونجدها تصنع بواسطة فنانين يهود، وفنانين غير يهود، ولذلك فقد راينا أن نتابع حركة السينما الصهيونية تاريخيا منذ انشاء اسرائيل، واعتبار كل حرب من الحروب التي قامت بين اسرائيل وبين الاقطار العربية ببداية مرحلة جديدة في تاريخ هذه السينما.

كذلك راينا استبعاد السينما الاسرائيلية، أو بالأحرى السينما الصهيونية التي يتم انتاجها داخل فلسطين المحتلة (إسرائيل) باعتبارها تمثل وحدة مستقلة في السينما الصهيونية تدرس على حدة، وسوف نقتصر ايضا على الأفلام ذات البعد الصهيوني المباشر والصحيح، إذ لا يدخل في نطاق موضوعنا الأفلام الأجنبية التي تعرضت لمؤثرات صهيونية بصورة غير مباشرة.

بعد حرب 1948 مباشرة، تم في عام 1949 إنتاج فيلمين أمريكيين يعتبران بداية السينما الصهيونية بعد انشاء اسرائيل، وهما الفيلم التسجيلي "الرواد" إخراج باروخ دينار، والفيلم الروائي الطويل "سيف في الصحراء" إخراج جورج شيرمان. وقد عرض فيلم "الرواد" في ستة آلاف ومائتين من دورالعرض في الولايات المتحدة في وقت واحد، ورشح للفوز بجائزة الأكاديمية الأمريكية للعلوم والفنون السينمائية المعروفة باسم " الاوسكار" لأحسن فيلم تسجيلي قصير، ثم هاجر مخرجه الى اسرائيل عام 1960 ويتناول الفيلم انتصار القوات الصهيونية على القوات العربية في حرب 1948، مبرزا المستوطنين اليهود في المزارع الجماعية "الكيبوتزات " على انهم الرواد الذين انتصروا!

أما فيلم "سيف في الصحراء " الذي كتبه وأنتجه روبرت بوكنر والمشترك في تمثيله دانا اندروز وليمارايموند، فيتناول "ميلاد اسرائيل " من خلال قصة "قائد سفينة مليئة بالمهاجرين اليهود يمثل دوره دانا اندروز، عليه إما ان يكون جبانا كالعادة، أو يصبح بطلا بوقوفه الى جانب اليهود " ويتجاهل الفيلم العرب تماما، ويوجه اتهاما عنيفا للإنجليز بالتعاون مع العرب ضد اليهود"!

وبينما يعتبر تجاهل عرب فلسطين سمه اساسية من سمات السينما الصهيونية التي تتناول المشكلة الفلسطينية، حيث قالت غولدا مائير يوما أنني لا اعرف شعبا بهذا الاسم " أي باسم الشعب االفلسطيني، فإن اتهام الانجليز بالوقوف مع العرب في حرب 1948، وهو أمر يفتقد الأسانيد التاريخية وبهدف ابراز صورة اليهودي الصهيوني الذي يقف وحده، واثارة العطف عليه في حربه المقدسة من أجل البقاء.

وفي عام 1953 انتج الفيلم الأمريكي "الحاوي " إخراج ادوارد ديمتريك عن رواية مايكل بلانكفورت المسماة بنفس الاسم، والذي اشترك في تمثيله كيرك دوغلاس، وتم تصوير جزء منه في اسرائيل. ويتناول هذا الفيلم قصة حاو يهودي نجا من الموت في معسكرات الإعتقال النازية ولكنه "لا يستطيع أن يعتبر وجوده في اسرائيل عودة إلى الوطن" وتصوير الفيلم في اسرائيل يعني بالضرورة أنه يناقش هذه المشكلة لكي يثبت أن اسرائيل هي وطن كل يهود العالم. وهي من الأفكار الرئيسية التي تقوم عليها الدعوة الصهيونية.

لم تتناول السينما الصهيونية حرب 1956، بل لقد منعت إسرائيل فيلم "الطلائع الزرقاء " الذي انتجته الأمم المتحدة في ذلك العام عن قوات الطوارئ الدولية، رغم أن مخرجه البريطاني ثورولد ديكنسون كان قد اخرج فيلمين إسرائيلين قبل ذلك. وذلك بسبب تناول الفيلم لحرب 1956 معبرا عن وجهة نظر الأمم المتحدة في هذه الحرب.

يقول منير صلاح الأصبحي في دراسته عن الرواية الصهيونية "لا بد من الإشارة إلى انه ليست في هذه الروايات أية محاولة للتركيز بصورة رئيسية على حرب السويس عام 1956 وأن يندر جدا ذكر هذه الحرب، فهذا أمر ذو دلالة كبيرة، إذ ان حرب1965 تختلف عن الحربين اللتين تسلط الروايات اضواءها عليهما في انها لم تحقق "انتصارا باهرا " لإسرائيل، فمن جهة لم تكن اسرائيل وحيدة في هجومها على مصر، بل كانت مصر هي البلد الذي واجه تحالف ثلاث دول، اثنتين منهما كانت من القوى العظمى آنذاك، ومن جهة خرى، كانت نتيجة الحرب انتصارا سياسيا كبيرا لمصر، وكذلك، فإن اسرائيل، رغم احتلالها المؤقت والقصير لسيناء، اخفقت في تحقيق اهدافها العسكرية والسياسية التي شنت الحرب من أجلها، واضطرت الى التراجع والأنسحاب " ونلاحظ أن السينما الصهيونية ولنفس الأسباب، تجاهلت أيضا حرب 1973. ولكن الفترة من عام 1965 الى عام 1967، وهي فترة الإعداد لحرب 1967، شهدت العديد من الأفلام الصهيونية، وأهم هذه الأفلام "الخروج " إخراج أوتو بريمنغر عام 1960، وهو يهودي صهيوني و"جوديت" إخراج دانيال مان عام 1964، وهو يهودي صهيوني أيضا وكل هذه الأفلام أمريكية، ومن نوع الانتاج الكبير.

يروي ويلي فريشاور قصة "الخروج" رواية، ثم فيلما، في كتابه عن حياة "اوتوبريمنغر"، فيقول أن الفكرة خطرت اولا في مخيلة دوري شاري كاتب السيناريو السابق، ورئيس مترو غولد وين ماير الذي كان معروفا لدى الكثيرين باعتباره " يهوديا محترفا "، فاستدعى ليون أوريس وقال له "عليك أن تكتب رواية درامية عن ميلاد إسرائيل " وتعهد بدفع تكاليف البحث، وشراء حقوق الرواية للسينما. وكان أحد الذين تحدث معهم أوريس حول الموضوع انجو بريمنغر شقيق أوتو الذي كان وكيلا في فترة من حياته.

يضيف فريشاور أنه بعد فترة من البحث الشاق، وافق أوريس على الذهاب الى اسرائيل. وقد استغرقت مهمته عامين. وبعد أن اجرى مئات من الأحاديث وسجل أميالا من الشرائط، كتب رواية قوية بعنوان "الخروج" مستلهما ماجاء في العهد القديم (سفر الخروج، 9: 13 )، كي يطرح مقولته: دع شعبي يذهب. اليهود هم الأبطال والأشرار هم البريطانيون الذين فرضوا الانتداب على فلسطين. وقد أوفى دوري شاري بوعده، واشترى الحقوق لمتروغولدين ماير. ولكن شركة مترو ترددت في انتاج الفيلم حتى لايضر بمصالحها في بريطانيا كما جاء في كتاب فريشاور، وكان انجو بريمنغر على علم بما يحدث، فلما اخبر أخوه أوتو بالمشاكل التي تعوق المشروع، قال له أوتو "اشتري الحقوق لي" ثم اتصل أوتو بريمنغر بصديقه القديم ماير ويسغال رئيس معهد وايزمان للعلوم في اسرائيل وسأله المساعدة في انتاج فيلم في اسرائيل، وأرسل اليه مخطوط الرواية.

قرأ ويسغال الروايو ووافق عليها، ووعده بريمنغر بأن يعطي حقوق العرض في اسرائيل لمعهد وايزمان، وكذلك دخل العرض الاول في كل مكان في العالم. وطلب منه أيضا القيام بدورين غوريون في الفيلم. وقد كان ويسغال هو صله الوصل الأساسية بين بريمنغر والحكومة الاسرائيلية. وقد استعان بريمنغر بالجنرال البريطاني فرانسيس رومي الذي اشترك في حرب 1984 بالفعل ليكون مستشاره العسكري. وقدمت الحكومة الاسرائيلية اليه من ناحية اخرى مستشارا بالفعل ليكون مستشاره العسكري. وقدمت الحكومة الإسرائيلية اليه من ناحية أخرى مستشارا رسميا هو الكولونيل غيرشون ريفلين الذي كان يحارب في صفوف " الهاجاناه ". وبدأ تصوير الفيلم يوم 27 آذار/ مارس سنة 1960 وانتهى بعد 14 اسبوعا بعد ان تكلف 2,5 مليون دولار.

ومن خلال تيدي كوليك الذي كان الذراع اليمنى لرئيس الوزراء بن غوريون، كما يقول فريشاور، والذي اصبح بعد ذلك عمدة القدس، كان بن غوريون على اتصال وثيق بتطور تصوير الفيلم في اسرائيل. وبعد التصوير في اسرائيل، تم مونتاج الفيلم في لندن، وتم التحميض والطبع في الولايات المتحدة، وقد وصلت أرباح الفيلم بعد العرض إلى 1 مليون دولار.

ويقول فريشاور أن الفيلم لم يلق قبول البعض في اسرائيل، كما أن راديو القاهرة وصفه من ناحية أخرى بأنه مؤامرة يهودية امبريالية، وفي رده على رفض بعض الإسرئيليين للعنف الزائد في الفيلم قال بريمنغر " لقد كان من الضروري إظهار العنف، ودولة اسرائيل لم تكن لتوجد بدون العنف، إن كل ثورة تحتاج الى نوع من الإرهاب أو العنف ".

وقال بريمنغر " إنني على استعداد للدفاع عن فيلمي "الخروج" ضد بعض كبار أعداء إسرائيل مثل جمال عبد الناصر .إنني على استعداد للجلوس معه لأستمع اليه لماذا يشعر بأن فيلمي غير منصف "، وقد استقبل بعض النقاد في أمريكا الفيلم بسخرية ."قال أحدهم إنه " ويسترن يهودي " أي فيلم "كاوبوي يهودي " وقال البعض الآخر أن فيلم "الخروج " أبوابا للخروج اكثر من أبواب فندق والدروف استوريا" !

ويقول منير صلاحي الأصبحي في كتابه "الحقيقة والرواية " عن رواية أوريس "اكسودوس " أو الخروج يبدو أوريس وكأنه يريد أن يكتب ملحمة عن الحركة الصهيونية وقيام دولة اسرائيل.

ولكنه بدلا من اتباع خطا هوميروس وفرجيل، فإنه بشخصياته الصهيونية الفائقة البطوله والعربية الفائقة النذالة لايتعدى مستوى أفلام الغرب من الدرجة الثانية التي انتجتها شركات هوليود في الثلاثينات والاربعينات. وهذا ناتج عن اندفاعه الى الدفاع عن الصهيونية وتبرير الاعمال الإسرائيلية بشكل يعميه عن رؤية الامور في نصابها الصحيح. وفي الحقيقة يبدو وكأنه لايستطيع أن يبعد تفكيره أثناء كتابته للرواية عن المجابهة الدائمة التي تصورها هذه الافلام بين الجنود الفرسان والهنود الحمر. فالصهاينة على سبيل المثال يوصفون في الرواية كمستوطنين رواد يأتون بالتحدث والتقدم الى "السكان الأصليين " العرب "العدائين "، وهو نفس الوصف الذي تستعمله الأفلام المذكورة في تصويرها للمهاجرين الى أمريكا في صراعهم مع السكان الأصليين ولإتمام الاستعارة، يصور أوريس الصهاينة بأنهم يكافحون من أجل "الاستقلال " من الاستعمار، شأنهم في ذلك شأن سكان الولايات المتحدة الأمريكية.

ويعتمد أوريس اعتمادا كبيرا جدا على الوصف التفصيلي للإضطهاد الذي لقيه اليهود في أوروبا وذلك في موالاته الرامية الى اكتساب عطف قرائه وتأييدهم للصهيونية. وعلى الرغم من أن تصويره للمعاناة اليهودية مؤثر في بعض الأحيان فإنه لايغفر أو يبرر استعماله لهذه المعاناة كسلاح عالمي يستعدي به قراءه ضد العرب، الذين لم تكن لهم يد في تلك المعاناة. وحماس أوريس الزائد للقضية الصهيونية يوقعه في عدة تناقضات إذ بين حججه التي يدافع فيها عن الموقف الصهيوني، يعطي ثقلا كبيرا للحجة القائلة بضرورة تأمين وطن للاجئين اليهود الذين شردتهم الحرب العالمية الثانية. ولأنه في نفس الوقت ينكر أي حق للاجئين الفلسطينيين في العودة الى وطنهم قائلا: إن من طبيعة الحرب الأساسية ان تسبب تشريد الأشخاص وجعلهم لاجئين".

أما فيلم "جوديت " الذي أخرجه دانييل مان عام 1964 عن قصة للكاتب البريطاني لورانس داريل، فيروي قصة جوديت (صوفيا لورين)، وهي يهودية نمساوية، يتم تهريبها الى فلسطين لتساعد فرقة صهيونية يرأسها أرون (بيتر فينش) في اقتفاء اثر زوجها السابق، جوستاف شيللر الذي كان نازيا فيما مضى. ويهدف هذا الفيلم الى تحقيق نفس الأهداف التي نجدها في الأفلام الصهيونية السالفة الذكر، مع اضافة هدف عام وجديد يعتبر من السمات الخاصة لسينما الصهيونية بعد انشاء إسرائيل، وهو الادعاء بأن العرب المعاصرين يمثلون في عدائهم لإسرائيل الإمتداد الطبيعي لألمانيا النازية في عدائها لليهود! وهي مقولة تحمل كما هو بديهي مغالطات عديدة إبتداء من حقيقة أن النازيين كانوا ضد اليهود والعرب معا أي حقيقة أن العرب إنما يدافعون عن أنفسهم ضد الغزو الصهيوني وإنهم المعتدى عليهم، وليسوا المعتدين. ولكن الفكر الصهيوني، إذا كان ثمة فكر يسمى صهيوني، يرتكز على مجموعة من المغالطات التاريخية والسياسية.

ومن الأفلام الصهيونية التي سعت إلى تحقيق نفس اهداف "جوديت" الفيلم الفرنسي" ساعة الحقيقة" إخراج هنري كاليف عام 1964 " ويروي قصة ضابط نازي يتنكر في شخصية يهودي يذهب الى اسرائيل بأوراق مزيفة. وهناك يكتشفه باحث اجتماعي ذهب هو الآخر الى إسرائيل, لوضع دراسة عن الناجين من معسكرات الإعتقال النازية.

وفي عام 1966 عرض الفيلم الأمريكي الصهيوني " الظل العملاق " إخراج ميلفيل شافلسون، وقد أصدر شافلسون كتابا عن تجربته في صنع هذا الفيلم بعنوان " كيف تصنع فيلما يهوديا " عام 1971. ويعتبر الفيلم، وكذلك الكتاب، نموذجين لدراسة الدعاي الصهيونية.

يقول شافلسون في كتابه "عندما جاءت الفرصة لصنع فيلم في إسرائيل شعرت أنني أستطيع التخلص من الذنب بصنع شيء ما من أجل هذا البلد الصغير الشجاع "بلد أجدادي" وكما جاء في كتاب فريشاورعن فيلم "الخروج " يصور شافلسون صنع فيلم اليهود، أو عن إسرائيل، وهو يخلط بينهما بالطبع، وهذا أمر مستحيل في هوليود، فيقول "عندما قررت مترو التخلي عن صنع فيلم عن كتاب عن حياة الكولونيل دافيد ماركوس, وعرض علي شراء الكتاب، ذهبت الى بارامونت فقالوا لي ومن الذي يريد رؤية فيلم عن جنرال يهودي، ووقتها قررت شراء حقوق الكتاب لنفسي "ويقول شافلسون أن مترو تخلت عن المشروع لأن "عملاء الحكومة المصرية هددوا بإغلاق دور السينما التابعة للشركة في كل العالم العربي لو اقدمت على صنع فيلم.

وقد وضع شافلسون قصة الفيلم تحت عنوان "معالجة لقصة ميكي ماركوس الذي مات من أجل إنقاذ القدس " ووصلت به الوقاحة الصهيونية إلى الادعاء بأنها "ليست قصة يهودية "، لأن ميكي ماركوس "كان أميركيا أولا وأخيرا ودائما، لقد كانت لديه تلك النزعة الأمريكية إلى إنصاف المظلومين وربما كان سيقاتل نفس القتال الى جانب أي مظلومين يطلبوه ".

أما عن حقيقة الفيلم بعد أن رفضته شركة مترو، فيقول شافلسون أن المنتج هارولد ميريش أقنع شركة يونيتد أرتست بتمويل على أساس أنها لاتملك دور سينما في الوطن العربي، ويقول " وإنه لما تفخربه يونيتد أرتست أنها كانت الشركة الوحيدة التي وافقت على المخاطرة بتمويل فيلم كبير عن إسرائيل في ذلك الوقت ".

وسافرشافلسون إلى إسرائيل مع مدير الإنتاج نات أدواردز في تشرين الثاني، نوفمبر عام 1964، وبدأ تحضير الفيلم الذي استغرق 7 شهور من أجل تصوير 8 اسابيع ومرة أخرى تعين الحكومة الإسرائيلة الكولونيل غيرشون ريفيلين مستشارا عسكريا للفيلم، وهو نفس الكولونيل الذي عينته لفيلم "الخروج" ويقول شافلسون أن غيرشون هو المؤرخ الرسمي للجيش الإسرائيلي".

ويقول شافلسون: أن العرب باعوا الأسلحة اليهودية في حرب 1984 لأنها كانت متوفرة لديهم بكثرة، ولم يكونوا يعرفون كيف يستخدمونها! وتصل عنصريته إلى ذروتها عندما يقول " لقد كان أكثر الأشياء قيمة في مصر في ذلك الوقت، ليس المسدس، أو الدبابة، أو البندقية وإنما الهيروين! ثم يستدرك قائلا " ولكني قررت ألا أضمن هذه الحكايات في السيناريو لأنها بدت غير معقولة " وهذا التراجع لا يؤكد للقارئ كذب هذه الحكايات، وإنما يوحي إليه بصدق المؤلف.

ويقول المخرج الأمريكي أنه طلب من اسحق رابين تعاون الجيش الإسرائيلي لإنتاج الفيلم، فوعده بالتعاون، ولكن بعد قراءة السيناريو، ثم يقول "كانت اسرائيل تقاتل من أجل حياتها كالعادة كيف يمكن أن يذهب الجنرال رابين الى الكنيست، ويطلب اموالاًََ إضافية للجيش حتى يساعد هوليوود الفقيرة المسكينة لعمل فيلم، في الوقت الذي ينكر فيه الكنيست ان تقدم هوليوود المزيد من التبرعات لإسرائيل. وفي هذه اللحظة اقترح جيرشون أن تتولى وزارة الدفاع تقديم كل ما نحتاج اليه مقابل التكاليف الفعلية، وبالتالي لايحتاج الأمر الى العرض على الكنيست، أو موافقته".

ويذكر شافلون أن الجيش الإسرائيلي وافق على السيناريو. بعد تغيير البداية، و 31 نقطة تفصيلية أخرى. كما وافق على أن يشترك في التصوير 800 جندي لمدة 3 أيام فقط 6 و7 و8 حزيران /يونيو عام 1965. وأن عدد العاملين في الفيلم وصل الى 125 قتيلا من أمريكا وإنجلترا وإيطاليا، و 34 ممثلا وممثلة من أمريكا واليونان وإسرائيل الى جانب حوالي ألف كومبارس و"رغبتي الخاصة في إنتاج تحفة كان الممكن أن يقدمها شكسبير لو أسعده الحظ وولد يهوديا " !

وصوة العرب في فيلم "الظل العملاق" ممثلا في الشيخ المسمى أبو ابن قادر صورة عنصرية بشعة، فهو في خيمة مع الراقصات شبه العرايا، ويأكل الثريد بيديه مثيرا اشمئزاز ميكي. كما أنه يرشد الجيش الإسرائيلي كيف يقتحم القدس. ويقول شافلسون في كتابه" إن استخدام الشيخ العربي على هذا النحو كان من أفكاري، ولكن هناك حقائق أساسية حول الموضوع "!. وعن معركة الفالوجا يقول المخرج لقد هاجم الجيش الإسرائيلي الفالوجا ست مرات، ولو كانوا يعلمون من هو جمال عبد الناصر لهاجموا المرة السابعة... ويقول "لقد حاول العرب لآلاف السنين أن يزرعوا الصحراء، ولكنهم فشلوا... ويصف إسرائيل قائلا" هنا حيث يعمل الجميع من أجل الصالح العام. حيث من له معنى صغير، حيث لا مسافات بين الطبقات، إنها نوع من اليوتوبيا"!

وقد اشترك في تمثيل الفيلم إلى جانب دوجلاس الذي يصفه شافلسون بأنه "يهودي قبل أن يكون ممثلا" بول برينر في دور أحد القواد العسكريين وفرانك سيناترا في دور طيار أمريكي متطوع والممثل اليوناني ستاتيش جياليس في دور قائد البالماخ ايجال الون، وأنجي ديكنسون وسينتا بريجر من نجوم هوليوود. وبينما يتم التصوير الخارجي في إسرائيل إبتداء من 18 أيار/مايو عام 1965. تم التصوير الداخلي في استوديوهات مدينة السينما بروما. وسجل الصوت في استوديوهات هرتزليا الإسرائيلية التي أقيمت عام 1963. وقام بتأليف الموسيقى التصويرية للفيلم الأمريكي الزبونستين.

رغم هذا كله يعترف شافلسون بأن الفيلم لم ينل استحسان النقاد بل هاجموه بقسوة، وقد وقف الجمهور- وهو الحكم الأخير- إلى جانب هؤلاء النقاد، وابتعد عن الفيلم. ولذلك، فالمرة الثانية: أيها السادة، لن نكون في القدس. وهو ختام خفيف الظل لمخرج ثقيل الظل يحاول به أن يخفف رفض الجمهور والنقاد للفيلم. وهذا الرفض على اية حال يؤكد أن السينما الصهيونية العنصرية الفاشية بقدر ماهي خطيرة، بقدر ماهي فاشلة ورديئة.

http://www.najah.edu/index.php?news_id=5421&page=3171&l=ar

No comments:

Post a Comment