Thursday, December 24, 2009

في الخرافات العربية الفلسطينية

الطـفــل
في الخرافات العربية الفلسطينية

د. توفيق كنعان

ترجمة د. شريف كناعنة

يربى الطفل الفلسطيني في جو مملوء بالخرافات والعادات والممارسات الغريبة والتي يتشربها الطفل حتى تصبح جزءا أساسيا من شخصيته وتبقى معه طيلة حياته متحكمة بأسلوب تفكيره ومتسلطة على جميع نواحي سلوكه. لذلك فإنه من المهم عند دراسة أحوال الطفل في الشرق أن يتم التعرف على هذه الأفكار الجذرية التي تنبع منها أفكاره وأعماله.

إن أهم رغبة عند أي زوجين حديثين في فلسطين هي أن يمن الله عليهما بالأطفال مبكرا، لأن "البيت بلا أولاد مثل الجنة بلا ملايكة"، أو مثل "الشجرة بلا ثمرة". أما الزوجة التي لايمن الله عليها بالنسل فالويل لها، وغالبا ما يكون مصيرها أحد اثنين: إما أن تطرد من بيت زوجها لتلجأ إلى بيت أبيها وإما أن يتزوج الزوج امرأة أخرى بدلها. ومن أكثر المصطلحات استعمالا عند المباركة للعريس في هذه الأيام قولهم: "بفرحتك يا عريس" أي نأمل أن يولد لك صبي خلال مدة قريبة. وحالما يتضح أن الزوجة حامل يعم السرور جميع الأقارب ويشكرون الله عز وجل على نعمه. ويعتبر العقم أقصى العقوبات التي يمكن أن ينزلها الله بعباده.

خلال عملية الوضع يجتمع الكثير من الأصدقاء والأقارب وتصطحب الكثيرات من النساء أطفالهن. وعادة مرافقة الأطفال لأمهاتهم في زياراتهن تفتح أعين الأطفال وآذانهم أمام معلومات من الواجب أن لا يطلعوا عليها إذ أنها تدفعهم نحو التحول إلى رجال ونساء ذوي مشاكل الحياة في وقت سابق لأوانه. وعندما تقترب لحظة الولادة تقوم النساء الحاضرات بالتشجيع وترديد دعوات مثل "القيامة بالسلامة والخلقة التامة". وتعتقد العجائز عادة بأنه إذا امتد الحمل إلى الشهر العاشر كان المولود أنثى، فيقلن "إن عشرت، في البنت بشرت".

وعندما تتعسر الولادة يلجأ عادة إلى إحدى الطرق التالية: "مسابح الأولياء تسرع الولادة، فحالما تلبس المرأة المسبحة كقلادة حول عنقها وتتركها تتدلى على بطنها فوق منطقة الرحم تتسارع الطلقات وفي خلال فترة قصيرة تكون جميع الآلام والمتاعب قد انتهت. وينطبق هذا الوصف على مسبحة البكري والشيخ أبو أيمن. ويمكن الحصول على فوائد عظيمة مشابهة لفوائد هذه المسابح، عن طريق استعمال ستائر قبر الشيخ الخليلي. ويوجد ضمن مجموعة التعاويذ الموجودة لدي مشط وصحن كلاهما مغطى بالكتابات السحرية. ويسري تأثير المشط عندما يوضع فوق العظمة الحرفية اليمنى. أما الصحن فيجري غسل الكتابات الموجودة عليه بماء نظيف ثم تقوم الأم بشرب هذا المـاء. ويعتقد أهل دير غسانه أن استعمال " دكة " سروال رجل صالح يمكن أن تسهل الولادة العسيرة إذا ربطتها الأم حول وسطهــا. والولادة في فلسطين بشكل عام أسهل منها في أوروبا وأمريكا، وقد يكون السبب في ذلك كثرة الأعمال البدنية التي تقوم بها المرأة الشرقية والتي تستمر حتى خلال مدة الحمل.

وينتظر الجميع،المولود القادم الجديد بفارغ الصبر، ويكون الفرح شديدا إذا كان المولود صبيا حتى لو كان مفرطا في الصغر أو غير متكامل الخلق. أما مجيء البنت فيسبب عادة الشعور بخيبة الأمل. وهناك مثل عربي يعبر عن هذه الفكرة بصدق، فيقول: "الولادة إن جابت ولد قد المفتاح، بملي البيت فراح، وان جابت بنية قد المخدة، بتنزل ع البيت خمدة".

وفي حالة ولادة البنت تنتشر في البيت همسات خافتة: "جابت بنت، جابت بنت" وقد يقوم بعض الحاضرين بتوجيه اللعنات إلى الطفلة لتسببها بآلام الأم. والتعزية الوحيدة التي يمكن أن تسمعها في هذه الحالة هي: " إن شاء الله بتزينيها بالصبي. أما إذا كان المولود صبيا فإن الفرحة والسعادة تعم البيت، ويتناقل الحاضرون الخبر بسرعة.. ويجتمع عادة أمام البيت عدد كبير من الصبيان ينتظرون الأخبار ويحاول كل واحد منهم أن يكون أول من ينقل الأخبار السارة إلى الأب. وعندما يصلهم الخبر يصرخون "أعطينا البشارة، أعطينا البشارة، أجاك صبي." أما إذا كان المولود بنتا فإن الخبر ينقل إلى الأب بطريقة مختلفة: "مبروكة العروس" يشيرون بذلك إلى الوقت الذي ستحوز فيه هذه الطفلة البريئة التي سببت له الحزن على اهتمامه وتقديره، أي عندما يأتي وقت زواجها ويحصل هو على المهر." هذه الممارسات تبدو جميعها خاطئة، ولكنها تنبع من عادات البلاد. فالولد يبقى الحصن الحامي لعائلته طيلة حياته. أما البنت فتخسرها العائلة عند الزواج إذ تكرس نفـسها لبيتها الجديد. أما في حياة العائلة اليومية فإن البنات يكن محبوبات مثل الأبناء تماما.

وعندما نتكلم عن نشر اسم العائلة والمحافظة على ممتلكات العائلة ومصالحها، فالأولاد، دون البنات، هم النعمة العزيزة. والمثل يقول: "عاطلة البنت لأهلها ومنيحتها لجوزها".

هذه المعاملة التي تتصف بالتمييز والجور هي عادة شرقية بالغة القدم. فهنالك عدد من الآيات القرآنية تشير إلى أن البنات كن يقتلن بعد ولادتهن بقليل، أيام الجاهلية. وقد جاء في الآية القرآنية " وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم، يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسـّه في التراب ألا ساء ما يحكمون ".

وكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يقصد محاربة هذه العادة بالذات عندما قال: "بارك الله في امرأة بكرت بابنة ". وهناك مثل قروي يستعمل للدفاع عن البنات يقول: "أم البنات بتمشي على ثبات". وتكون مسؤولية الأب نحو البنت عظيمة وبهذا الخصوص يقول المثـل: "هـمّ البنات للممات". ولذلك فإن بعض المتزمتين يرون أنه "إن ماتت وليتك من حسن نيتك". أو "موت البنات من المفخرات ولو أنهن عرايس مجوزات". وتقول إحدى المعتقدات الخرافية أن البنت تحاول أن لا تولد إذ أنها تعلم ما ينتظرها من شقاء. لذلك يقول لها الله: " انزلي، أنا معين أبوكي". أما عند ولادة الصبي فيقول له الله: "انزل، أنت معين أبوك".

تقوم الدايةــ والتي تلعب دورا كبيرا في حياة الأطفال ــ بتحميم الطفل ودهن جميع جسمه بزيت ممزوج بمسحوق ناعم من الملح. ويعتقد أن هذا يزيد مناعة الجلد ومقاومته للعوامل الخارجية وهنالك اعتقاد شعبي بأن الطفل الذي لايتم تمليحه عند الولادة تصبح شخصيته ضعيفة وسخيفة. وقد كانت الداية في الماضي ترش مسحوق الملح الناعم المنـخـّـل على جلد الطفل بعد انتهاء دهنه بالزيت أو حتى بدون استعمال الزيت بالمرة، مما كان يؤدي في كثير من الحالات إلى تشقق الجلد.. وفي دير غسانة يدهن الطفل في هذه الأيام بأكسيد الرصاص الأحمر بدلا من الملح والزيت. بما أن جلد الطفل المولود حديثا يكون ناعما وغضا فإن الناس يستعملون بعض التعابير مثل"كأنه مولود جديد". أو" مثل اللي نازل من بطن أمه" للتعبير عن الشفاء التام للأمراض الجلدية.

وهذه بعض المعتقدات الخرافية التي تؤثر في تكوين توقعات الإنسان الفلسطيني عن مستقبل طفل من الأطفال:

الطفل الذي يبقي أصابع يديه مفتوحة معظم الوقت يصبح إنسانا كريما. أما القبضة المقفلة معظم

الوقت تدل على أن صاحبها سيصبح إنسانا بخيلا. يقال عن الطفل الذي يضع يديه مفتوحتي الأصابع على جانبي رأسه بعد ولادته بفترة قصيرة، أنه يدعو الله أن يعين والده.

ـ ولادة الطفل يوم الأربعاء أو السبت علامة سيئة. فالأطفال الذين يولدون في هذه الأيام سوف لا يكونون ناجحين في حياتهم وقد يموتون في موعد مبكر وذلك لأن هذين اليومين يتحكم بهما الكوكبان التعيسا الطالع وهما عطارد وزحل. أما الأطفال المولودون أيام الأحد والإثنين فهم محظوظون. والطفل الذي يولد ظهر يوم الجمعة يصبح" يا عالم، يا ظالم".

الأطفال الذين يبكون وهم مازالوا في رحم الأم يفقدون أحد الوالدين بعد ولادتهم بوقت قصيــر.

ـ الطفل الذي يظهر وكأنه مطهر عند ولادته بسبب قصر غلفته يقال عنه أنــه" مطهر طهور ملايكة" أو" مطهر طهور قمري". وفي مثل هذه الحالة يعتقد البعض أن" قرينة" الأم كانت حاملة بصبي وولدت في نفس الوقت فقامت لفرط فرحها بتطهير طفل أختها الإنسية مع طفلها مما يجعل الأرواح تمتنع عن مضايقة هذا الطفل. ويمكننا أن نستنتج من هذه العقيدة أن هؤلاء يعتقدون أن الجن أيضا يفضلون المولود الذكر على الأنثى.

ـ الطفل الذي تظهر قواطعه العليا قبل السفلى يفقد أحد والديه بعد ولادته بفترة قصيرة. وتشير هذه الظاهرة أيضا إلى أن الطفل ينشأ شديد العناد.

قبل حوالي أربعين سنة كان المولود لا يحمم قبل اليوم السابع وهنالك الآن من يعتقدون أنه من الخطأ تحميم الطفل قبل اليوم الثالث. أما في مدينة القدس والقرى المحيطة بها فيحمم الطفل كل يوم حتى يبلغ الأربعين يوما.

مازالت عادة تكحيل الأطفال واسعة الانتشار. وتعتقد الأمهات أن الكحل يقوي االجفون ويحسن المنظر بالإضافة إلى تجميل العين. كما يعتقدون بأن تمرير المرواد أو ميل الكحل في العين يؤدي إلى توسيع فتحتها مما يزيد في جمال الطفل.

تقطع القابلة "السرة" بعد ربط الطرفين بشريط غير معقم من القماش أو بخيط من القطن. وقبل حوالي خمسين سنة لم يكن الحبل السري يقطع قبل اليوم السابع من الولادة. في بيت جالا كان الأقارب والأصدقاء يدعون بمناسبة قطع الحبل السري ويعطى لكل واحد منهم شمعة. وبعد صلاة قصيرة تقوم القابلة بقطع السرة ثم تدع نقطة شمع تسقط من شمعتها على طرف الجزء المتصل بالطفل من الحبل السري، ثم يتبعها الباقون فيفعلون كما فعلت. وما زال الناس في عدد كبير من الحالات يحرقون طرف الحبل السري بنار شمعة مشتعلة، وهم بهذه الطرق البدائية وبدون معرفة واعية يعمقون الجرح الذي لا شك أنه يكون ملوثا. ويمارس المسيحيون في القدس العادة التالية: عندما تسقط "السرة" ويلتئم الجرح تقيم الجدة احتفالا لابنتها الأم الجديدة، تدعوا إليه الأصدقاء والأقارب ويسمى هذا الاحتفال "فراكه" لأنه يقام عندما تكون السرة قد "فركت" أي ذبلت وسقطت.

وهذه بعض التعليمات والممارسات المتعلقة بالأطفال والتي يلتزم بها الناس بدقة لاعتقادهم بأن لها تأثيرا مؤكدا على نمو الطفل:

لا تقبل قاع قدمي الطفل، فذلك يؤدي إلى توقف نموه. القبلة على الفم تؤدي إلى كثرة سيلان اللعاب، أما القبلة بين العينين فتؤدي إلى موت الطفل أو موت أحد الوالدين. هنالك مثل يقول: "إن كان مستعجل عليه بوسه بين عينيه"، "كثرة تقبيل الطفل مضرة لأنها بتمص عافيته".

يجب أن لا يجامع الرجل زوجته أثناء فترة الحيض لأن أي طفل يولد لهم سيكون "مجرثم" أو"مقلعط".

ويعزوا المسلمون حب المسيح أو إخلاصه لأمه إلى أكله التمر الذي كان يكون الجزء الأعظم من طعامه، لذلك فهم يسقون المولود الجديد بضع قطرات من ماء خلطت به حبة تمر مطحونة، ويفضل أن تكون حبة التمر هذه من مكة إن أمكن. كذلك فإن المسلمين يعتقدون أن في كل كوز رمان توجد حبة واحدة آتية من الجنة، لذلك يسقى الكثير من الأطفال عصير الرمان أملا بأن يكون بعض هذا العصير قد أتى من الحبة التي أتت من الجنة.

ـ عندما يبتسم الطفل خصوصا أثناء النوم، يكون قد رأى أحد الملائكة الذين كانوا أصدقاءه في الجنة. وقد يتكلم الطفل مع الملائكة. ويستعمل الناس عادة كلمة" غزالته" ويعنون بها ملاكه. ويعتقد البعض أن الملائكة تنزل إلى الأرض لتغسل وجه الطفل ويديه.

ـ عندما يبكي الطفل يعتقد الناس بأن الطفل إما أن يكون جائعا أو أن إحدى الأرواح الشريرة قد آذته.

ـ يكون لكل إنسان منذ لحظة ولادته ملاك حارس يرافقه طيلة الوقت ليحميه من أي سوء قد يحدث له. وهنالك بعض أعضاء الجسم مثل العين التي يقوم بحمايتها ملاك خاص بها، وهذا هو السبب في أن الحوادث التي تؤذي الوجه قليلا ما تؤثر على العينين.

ـ إذا حالف الحظ والنجاح عائلة من العائلات بعد مجيء طفل جديد فإن الوالدين يعتقدان بأن الطفل قد أحضر هذا الحظ معه. ويوصف مثل هذا الطفل بأن" قدمه خضرة"، وإذا حدث العكس قيل "قدمه شر".

تعتقد النساء الفلسطينيات أن أفضل طريقة لاكتشاف فيما إذا كان الطفل شرعيا أم لا، هي الطريقة المستعملة في مكة. وتلخص هذه الطريقة في أن يؤتى بالطفل المشكوك في أمره عندما يكون قد بلغ عمره أربعين يوما فيحمم ويلبس ثيابا بيضاء وبعد صلاة المغرب مباشرة يوضع الطفل في "زاوية الرسول" ويترك هناك لوحده لمدة تتراوح بين 3 إلى 5 دقائق. فإذا بقي الطفل خلال هذه المدة هادئا فهذا برهان على أنه الابن الشرعي للزوج، وإلا فهو غير شرعي وتستحق الأم بذلك العقاب على الرغم من برائتها.

ويقال عادة أن" حكي سنة حكي نبي، حكي الزغير حكي ولي" وهذا تشبيه جميل يرفع الطفل نظرا لبراءته إلى منصب الأنبياء والأولياء الذين كان الطفل يتمتع برفقتهم في الجنة- حسب المعتقدات الشعبية- قبل ولادته بزمن قصير. لهذا السبب يدفن بعض فلاحي فلسطين أطفالهم بجانب "مقام" أحد الأولياء بهذه الطريقة توضع أجسامهم في بقعة مقدسة وتستطيع أرواحهم أن تتسامر مع أرواح الأولياء وتصعد معها إلى خالقها في الجنة. ويقال عادة للمرأة التي فقدت طفلا عند تعزيتها: "صار من عصافير الجنة"، هذا التقديس للأطفال يفسر أيضا الاعتقاد السائد بأن براز الطفل ليس نجسا مادام لا يأكل الطعام العادي ولا تحتاج المرأة المسلمة إلى تغيير ملابسها أو أن تقوم بتطهير نفسها قبل تأدية الصلاة.

ويشترك الأطفال في" التغييث" أو طلب الغيث من الله في سنوات الجفاف لأنهم لا ذنوب لهم ولذلك فإن غضب الله وسخطه لا يمكن أن يشملهم. ويجتمعون في مثل هذه المناسبات فيسيرون في طرق القرية وحول مقامات بعض الأولياء مكررين باستمرار بضع شطرات من أغنيات يطلبون فيها من الله أن يعطف عليهم. ويكون المنطق في الاسترحام أن الكبار هم الذين ارتكبوا ولكن لا ذنب للأطفال ليتعذبوا معهم.

عند ولادة الطفل يأتي جميع الأقارب والأصدقاء لتهنئة الوالدين السعيدين ويعبرون عن فرحهم بقولهم: "مبروك العريس"، " مبارك ماجاك"، " إن شاء الله بفرحته"...الخ. وفي مثل هذه المناسبات يحضرون معهم هدايا من القهوة والسكر والدخان وفي حالات قليلة النقود. ويقوم الأب عادة بتعويض هذه الهدايا بهدايا مماثلة حالما تسنح له فرصة مناسبة. وهنالك مثل يعبر عن هذه الفكرة، يقول: " كل شيء دين حتى دموع العين".وقد اعتاد المسيحيون في القدس أن يقدموا وجبة للأقارب في اليوم الثاني بعد ولادة المولود، وعندما يكون المولود هو الابن الأول للأبوين تتحول الوجبة إلى وليمة كبيرة.

ـ هنالك اعتقاد بأن الأم التي يموت جميع أطفالها في سن مبكرة أو التي ليس لديها إلا البنات إذا حملت في بيت عائلة ذات أولاد كثيرين فإنها تلد صبيا يعيش طويلا.

ـ يعطى الولد الأول عادة اسم جده لأبيه.

يعتبر الزواج بدون أطفال وبدون صبيان بشكل خاص، عقابا وإهانة. لذلك فإن الأب يكون على أتم استعداد لاستبدال اسمه العادي بكنية" أبو" مضافا إليها اسم الابن الأكبر. ومن أجل تمويه الحقيقة بالنسبة للرجل الذي ليس له أبناء فإن الناس يلجأون إلى استعمال كنية "أبو" متبوعة باسم والد ذلك الرجل. فالرجل الذي يكون اسمه حسن واسم أبيه محمد وليس له أبناء يصبح اسمه "أبو محمد". كلما كانت الحمولة أكبر كلما زاد احترام الآخرين لها، فالحمولة التي يوجد فيها 200رجل( وتستعمل عادة بواردي) تكون محترمة أكثر من تلك التي يكون فيها 50 رجلا فقط.

يعود الكثير من أسماء الأفراد إلى ظروف خاصة فنجد مثلا أن الأب الذي له بنات كثيرات يسمي أصغرهن منتهى، تمام، كفا، زيادة، أو زمقنا. أما إذا جاءت البنت بعد عدد كبير من الصبيان فقد يطلق عليها اسم وحيدة، هدية، امالي، أو ست اخوتها. وإذا مات أحد أفراد العائلة فإن الابن الذي يأتي بعده يسمى عوض، عوده، عايد، عواد، خلف أو مخلوف. وقد يسمى الطفل الذي يولد أثناء الحرب "حربي" والذي يولد بعد انتصار" نصري"، والذي ولد أثناء شهر رمضان "رمضان" كذلك قد يسمى من يوم الجمعة "جمعة" ويوم العيد "عيد" وهناك أسماء مثل: عبد الله وعبد الحي. ويعتقد أن للاسم تأثير مؤكد على حامله فقد يسبب له السعادة أو التعاسة. لذلك فإنه من المهم أن ينتقى اسم الطفل بحرص عظيم، وإذا مات أحد أفراد العائلة فإن اسمه عادة لا يطلق على فرد آخر في العائلة. كذلك فإن الناس يبتعدون عن استعمال أسماء الأشخاص البائسين أو التعيسين لأطفالهم.

هنالك عادة تكاد تختفي الآن ولكنها كانت كثيرة الاستعمال عند تسمية أطفال العائلات المسلمة في القدس. كانت الداية تحمل هاونا تدقه باستمرار وهي تردد" اسم الله والنبي يحميك"، اسمك فلان، فاهم؟ اسمك فلان، اصحى تنسى اسمك، اسمك فلان". ثم تمرر الهاون ثلاث مرات حول السرير ومن تحته وفوقه. ويعتقد أن صوت الهاون يطرد الجن ويجعل الطفل شجاعا. وكانت نفس هذه الحركات تعمل أحيانا بإبريق مملوء بالماء ثم يمرر الإبريق على جميع الحاضرين فيأخذ كل منهم ملء فمه معتقدين أن الماء أصبح مباركا.

في بعض القرى "تؤذن" الداية في أذن المولود وتتبع الآذن بقولها "اسمك فلان".

الأم الشرقية شديدة الفخر بأطفالها، وبهذا المعنى يقول المثل: " ولو كانوا مـّّية أعز من عينيه"، وهي كثيرا ما تحرم نفسها لأجل إسعادهم وتوفير الحياة الكريمة لهم. وقد يصل حبها لهم حد التطرف، كما سنصف فيما بعد. وتظهر هذه العلاقة من خلال أسماء التحبب التي تستعملها معهم مثل: " يا روحي"، يا نور عيوني"، يا عيوني"، "يا قلبي"، "يا حشيشة قلبي"، " يا سندي"، " يا جملي"، "يا حياتي". وعند سؤال الوالدين عن أحد أبنائهم يقال: "كيف المحروس؟ ".

هناك عادة متبعة عند المسلمين بأن لا ترضع الأم المولود إلا بعد أن يكرر أحدهم الشهادتين ثلاث مرات في أذن الطفل. وتعتـز جميع الأمهات بإرضاع أطفالهن، ولا يفطم الطفل قبل سن 18شهرا

ما لم تكن هناك ضرورة ماسة لذلك. وكثيرا ما يستمر الطفل في الرضاعة حتى سن سنتين أو حتى ثلاث سنوات، وفي حالات نادرة أربع سنوات. ويعتقد بأنه كلما طالت مدة رضاعة الطفل كلما أصبح "عصبه قوي". لذلك فإن الطفل القوي الصحيح الجسم يوصف عادة بأنه "شبعان من حليب أمه" أو "رأسه مليان من حليب أمه". وهناك اعتقاد سائد بأن استمرار المرأة بإرضاع طفلها يؤخر حدوث الحمل، وهذا هو السبب في استمرار بعض النساء في إرضاع أطفالهن لمدة طويلة. وتحاول الأرملة إظهار حبها وإخلاصها لطفلها الصغير عن طريق الاستمرار في إرضاعه لمدة طويلة. إذا أصبحت المرأة حاملا وهي مرضع فإنها تخشى أن تستمر في إرضاع طفلها اعتقادا منها أن الحمل يغير تركيب الحليب وفي مثل هذه الحالة يعزى أي مرض يصيب الطفل إلى "حليب الغير ".المرأة التي تكون فقدت عدة أطفال لا ترضع طفلها الجديد من" حليب اللبـا " في الأيام الأولى بعد ولادته اعتقادا منها أن ذلك سيضلل "القرنية" التي قتلت إخوته من قبله.

http://www.najah.edu/index.php?news_id=5470&page=3171&l=ar

No comments:

Post a Comment